علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن 31 / 12 / 2019م - 3:00 م
ما زلنا نتحدث عن مؤسسات المجتمع المدني وأهميتها في نشر ثقافة حقوق الإنسان، ولا باس أن نعطي نبذة عن البدايات التاريخية لهذه المؤسسات وكيف نشأت؟. فقد تأسست مع ظهور الطبقة الوسطى التي شكلت الغالبية من سكان المدن وأخذت تديرها، وهي الطبقة المتسلحة بالعلم والمعرفة، ولديها القدرة على التفاعل، إذ شكلت عصب المدن وطاقتها.
ولذلك، عمّ حينذاك ما يعرف بمفاهيم وأخلاقيات الطبقة الوسطى، وقد تم التعارف عليها ب «القيم المدنية»، وهي القيم التي تعبر عن طموحات المجتمع وأمانيهم، لا لقيم الطبقات القديمة التي تنتمي إلى الماضي والعاجزة عن التكيف مع منجزات العصر ومعطياته، وغير قادرة على المنافسة في ميادين الحاضر، التي تحكمها وتديرها روح الحداثة وأدوات التقدم والتمدن.
ومن أبرز القيم المدنية التي تعبر عن مطالب مجتمع المدن، العدالةُ والمساواة والحرية، وقد تمت صياغة قوانين تعبر عن القيم الإنسانية المدنية، وطالب ممثلو الطبقة الوسطى بأن تعترف حكوماتهم بالقوانين والأنظمة المستمدة من قيمهم المدنية الحديثة، فجاءت هذه المؤسسات وبدأت تعمل وتدار بواسطة متطوعين من المجتمع المدني، وبتبرعات منه، لا دخل مباشرا للحكومات فيها. إذًا، هي مؤسسات من المجتمع المدني وإليه، وهي تراقب أداء المؤسسات الرسمية، خاصة الحقوقية منها، وتلفت انتباهها إلى ما قد تغفل عنه، جراء بيروقراطيتها المعيقة لها أو تسلط بعض مسؤوليها، وتساندها في أداء دورها وبفاعلية أسرع وشفافية أوضح. ومن هذه المؤسسات الدولية - على سبيل المثال - منظمات حقوق الإنسان الأهلية، ومنظمات حقوق ذوي الإعاقة، ومنظمات مناهضة العنصرية والاستغلال، ومنظمات حقوق الطفل، وحقوق المرأة، وحقوق الأقليات، وغيرها من منظمات ينظمها ويديرها المجتمع الأهلي، لضمان تطبيق العدالة والمساواة، وعدم الاعتداء أو الانتقاص من حقوق الإنسان والحط من قيمته.
أما في المملكة، فتوجد كثير من المؤسسات المدنية، التي تهتم وتركز على تعميق مفهوم حقوق الإنسان، واحدة من أهم هذه المؤسسات جمعية «همم لأسر ذوي الإعاقة» وهي جمعية تأسست عام 1432، ومتخصصة في تأهيل ودعم أسر ذوي الإعاقة، ترأس مجلس إدارتها الأميرة مشاعل بنت عبدالمحسن بن جلوي آل سعود، وهي الجمعية الأولى بالمنطقة الشرقية التي تعنى وتتخصص في هذه الفئة. فهي تقدم لهم برامج تدريبية وتعليمية للأسر مع أبنائها، وتقيم الندوات والدورات المتخصصة، وتعقد لقاءات دورية مع الأسر، وتقدم لهم الاستشارات المتخصصة، وتوفر لهم المستلزمات الطبية، وتقوم بتفعيل الأيام العالمية الخاصة بحقوق ذوي الإعاقة.
ومن أهم إنجازات الجمعية، إقامة مهرجان «همم» المجتمعي تحت شعار «تمكين، شمولية، مساواة»، وتكريمهم من الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، والأمير خالد بن الوليد بن طلال رئيس الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية.